س : بمناسبة قرب حلول الذكرى ألأولى للأعتصامات التي حدثت في السلطنة بتاريخ 26/2/2012 م وفي إطار استمرار الربيع العربي هل تؤيد العودة لها في السلطنة مرة أخرى ؟

16‏/02‏/2011

عرض لدراسة بحثية بعنوان الأوضاع السياسية العمانية 1932ـ 1954م

عرض لدراسة بحثية بعنوان الأوضاع السياسية العمانية 1932 – 1954م.
وهو بحث تاريخي لنيل درجة الماجستير قدمته لمعهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة في العام 2007
وكانت الدراسة تحت إشراف الأستاذ الدكتور محمد صابر عرب

تبدأ الفترة الزمنية للدراسة من العام 1932م  وهو العام الذي تولى فيه السلطان سعيد بن تيمور الحكم في سلطنة مسقط وعمان والذي امتدت فترة حكمه حتى العام 1970 وانقسمت الأوضاع السياسية العمانية خلال حكمه إلى مرحلتين المرحلة الأولى غلب عليها طابع التوافق والتعايش النسبي بين السلطنة والإمامة في عمان خلال الفترة من 1932 إلى 1954م، وهو العام الذي شهد وفاة الإمام محمد بن عبدالله الخليلي، وبعدها انتقلت الأوضاع السياسية العمانية لتشهد مرحلة ثانية مغايرة اتسمت بالمواجهة العسكرية والسياسية بين الجانبين السلطنة والإمامة بداية من العام 1954 الى العام 1970  .
تنقسم هذه الدراسة إلى خمسة فصول إضافة إلى الفصل التمهيدي الذي يتناول بشكل سريع الأحداث السياسية والاقتصادية التي مرت بها عمان قبل حكم السلطان سعيد بن تيمور.
        ويتتبع الفصل الأول انتقال الحكم بشكل سلمي من السلطان تيمور بن فيصل إلى ولده السلطان سعيد بن تيمور، ويتطرق إلى جهود السلطان سعيد بن تيمور لتثبيت سلطة الدولة في بلاده .
        أما الفصل الثاني والمعنون بمرحلة إثبات الوجود فيتناول عدداً من المواقف التي اتخذها السلطان سعيد  للضغط على البريطانيين الذين رفضوا التعاون معه من أجل تثبيت سلطة دولته في داخل عمان كما فعلوا سابقاً في الساحل، ويتتبع هذا الفصل نتيجة الضغوط التي قام بها السلطان سعيد ، وطريقة البريطانيين في مواجهتها. كما يتناول أهم محطات الرحلة التاريخية للسلطان سعيد بن تيمور حول العالم خلال الفترة من 9 نوفمبر1937 إلى 13 يوليو 1938. ويتناول الباحث الإصلاحات الاقتصادية التي قام بها السلطان سعيد بن تيمور في الفترة من عام 1932 إلى عام 1939 وأهم نتائجها.
        ويتناول الفصل الثالث أوضاع عمان خلال الحرب العالمية الثانية في الفترة من 1939 إلى 1945 وتأثير هذه الحرب على السلطنة، كما يعدّد أهم التغيرات السياسية العالمية بعد الحرب وتأثيرها في إضعاف الوجود الاستعماري البريطاني في المنطقة، ويتناول طبيعة العلاقات بين السلطنة وكل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية .
        أما الفصل الرابع ـ المعاهدات الخارجيةـ   فيتعرض لأهم المعاهدات السياسية التي وقعها السلطان سعيد بن تيمور خلال الفترة من 1932 إلى 1954، ومن بينها معاهدة الصداقة والتجارة لعام 1939، ومعاهدة الصداقة والتجارة لعام 1951 مع بريطانيا، ومعاهدة 1953 مع الهند. ويقدم تحليلاً عن أثر هذه المعاهدات في الواقع السياسي والاقتصادي للسلطنة.
        ويتطرق الفصل الخامس المعنون المعارضه الداخلية  إلى العلاقة بين السلطان سعيد بن تيمور والإمامة وفق معاهدة السيب ،كما يتناول جهود السلطان سعيد في الضغط على الإمامة والتنصل من المعاهدة ، كما يتتبع مراحل أزمة البريمي حتى العام 1954.

وقد اعتمدت هذه الدراسة على عدد من المصادر والمراجع العربية والأجنبية ومنها دراسة طيبة خلف عبدالله عن "العلاقات العمانية الأمريكية 1930 ـ 1958" ، وكتاب تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر للدكتور جمال زكريا قاسم ،  وكتاب " الصراع الداخلي في عمان خلال القرن العشرين 1913 ـ 1975 "" لإبراهيم شهداد، و كتاب جي بي كيلي " الحدود الشرقية لشبه لجزيرة العربية " وسلسلة وثائق عمان في وزارة الخارجية البريطانية المسماة  Records of Oman   ويوجد عدد آخر من المصادر والمراجع المهمة تم تثبيتها في  الدراسة.
نتائج الدراسة
 وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدد من النتائج لعل من أهمها أن السلطان سعيد بن تيمور قد تمكن من إثبات وجوده، والحفاظ على استقلاله في المرحلة من 1932 إلى 1939 سواء من خلال سياسته الخارجية بما فيها العلاقات مع بريطانيا أو من خلال سياسته الداخلية .
كما تمكن من إنجاز تقدم نسبي على مستوى الأوضاع السياسية والاقتصادية في السلطنة ، فعلى مستوى السياسة الخارجية تأثرت علاقة السلطان سعيد بالبريطانيين خلال الفترة من 1933 إلى 1937 بسبب عدم مساعدتهم له في القضاء على نفوذ الإمامة في داخل عمان؛ وذلك بعد محاولة السلطان الضغط على البريطانيين , من أجل الاستجابة لطلباته السياسية والاقتصادية، حيث اتصل بالولايات المتحدة الأمريكية وحاول الحصول على مساعدتها السياسية و النفطية كما حاول الابتعاد عن البريطانيين من خلال اتخاذه مقاطعة ظفار الجنوبية مقراً دائماً له ، كما حاول بالتعاون مع والده السلطان السابق تيمور بن فيصل الحصول على أسلحة يابانية دون علم البريطانيين  .
 ونجحت هذه السياسة والضغوط التي مارسها على البريطانيين في التغيير من سياستهم تجاه السلطنة من خلال إرغامهم على توقيع معاهدة اتفاقية التنقيب عن النفط عام 1937م  وبالتالي تحسين الموقف المالي لحكومة السلطان، وتعديل شروط معاهدة الصداقة والتجارة لسنة 1891 بتوقيع معاهدة جديدة عام 1939.
و قد قام السلطان سعيد بن تيمور برحلة استطلاعية حول العالم خلال الفترة من 9 نوفمبر1937 إلى 13 يوليو 1938.  شملت كلاً من الهند واليابان والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وخرج من هذه الرحلة بقرار إستراتيجي هو ضرورة التحالف مع البريطانيين لتنفيذ مخططاته الداخلية لما رآه من قدرات واستعداد عند البريطانيين للتعاون معه.
وعلى مستوى السياسة الداخلية قضى السلطان سعيد على محاولة الاستقلال التي أعلنها شيوخ آل حموده في جعلان وصور ، وتقرب من شيوخ القبائل العمانية في الساحل والداخل من خلال العطايا والهدايا أو بعدم التدخل في شؤون القبائل، وترك الأمور للمشايخ لتسيير الأمور مع وجود ممثل له في كل ولاية بمنصب والي يكون معه قاضي للحكم في أمور القضاء الشرعي.
كما أنه حاول التخلص من تبعات معاهدة السيب الموقعة عام 1920 مع الإمامة العمانية في الداخل مستغلاً علاقاته بالبريطانيين، حينما طلب مساعدتهم لتدعيم استقلاله وتوحيد دولته ولكن هؤلاء رفضوا تقديم العون له في الداخل رغم تعهدهم له بالمساعدة على الساحل ، ومن أسباب هذا الرفض عدم وجود ما يغري البريطانيين على الإقدام على هذه الخطوة حتى فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية مع رغبتهم في إبقاء السلطان سعيد تحت سيطرتهم من خلال تهديده بخطر الإمامة.
وفي مجال العلاقات مع الإمامة في داخل عمان لم يكن السلطان سعيد بن تيمور مقتنعاً بمعاهدة السيب؛ فتصرف فعلياً وكأنها لم تكن رغم أنه لم يظهر رغبته في إلغائها أو عدم الاعتراف بها لضعف قدرته المالية والعسكرية والسياسية على مواجهة الإمامة وتحالفاتها القبلية في هذه الفترة . ولكنه بدأ بتضييق الخناق على الإمامة اقتصاديا من خلال رفع الرسوم المقررة على البضائع الصادرة والواردة إلى عمان الداخل، رغم احتجاج الإمامة ممثلة في المتحدث الرسمي باسمها الشيخ عيسى بن صالح الحارثي لمخالفته الواضحة لبنود معاهدة السيب.
 وبعد عودته من رحلته حول العالم اتخذ السلطان منهجاً جديدا من خلال محاولة إضعاف الإمامة من الداخل بتقريب شيوخ القبائل العمانية سواء القبائل التي على الساحل أو التي في الداخل وإغداق الهدايا والعطايا عليهم وتعيين المقربين من الإمامة في بعض المناصب المهمة في السلطنة، وقد نجحت هذه السياسة في إضعاف الإمامة وكسب ود كثير من الرجال المقربين منها لدرجة أن الإمام حاول منع الشيوخ من الذهاب إلى مسقط أو الاتصال بالسلطان، كما ضعفت موارد الإمامة المعتَمِدة على الزكاة بسبب رفع الرسوم الجمركية في الموانئ  وبسبب موجة الجفاف التي ضربت بعض أجزاء عمان .
أما على المستوى الاقتصادي فقد نجح السلطان في أول سنة من حكمه بعد إتباعه سياسة التقشف في تسديد ديونه ، وتعهد بعدم اقتراض أي ديون جديدة بسبب ما عانته السلطنة في سبيل تسديد الديون السابقة.
 كما نجح السلطان سعيد في إيجاد مصادر جديدة ودائمة لدعم خزينة السلطنة تمثلت في الرسوم الجمركية على الموانئ العمانية خارج مسقط مثل موانئ صور و السويق وصحار، وزيادة الرسوم الجمركيه على بضائع وسفن الدول التي تربطها بالسلطنة علاقات تعاهديه مثل المملكة  المتحدة وفرنسا وهولندا رغم رفض الولايات المتحدة الأمريكية زيادة هذه الرسوم  ، إضافة إلى الرسوم التي دفعتها شركة النفط مقابل السماح لها بالتنقيب في السلطنة، إلى جانب معونة الأسلحة ـ التي كانت تدفعها بريطانيا للسلطنة ـ والزكاة التي كان ولاة السلطان يجمعونها من الولايات الساحلية المعترفة بسيادة السلطان عليها ، وفوق كل هذا كان السلطان يضغط على المستويين الداخلي والخارجي من أجل الاستفادة من السلعة الجديدة التي يمكن أن تكتشف في السلطنة وهي سلعة النفط.
وفي مقابل هذا النجاح كانت لسياسات السلطان سعيد بن تيمور عدد من الإخفاقات أهمها عدم قدرته على التخلص نهائياً من الإمامة ونظامها الإسلامي المنافس لحكمه ، وعدم قدرته على مواجهة الأخطار الخارجية المتمثلة في وجود الدولة السعودية في البريمي، وتهديدات شاه إيران الذي كان يطالب بضم بعض الأراضي العمانية لبلاده،  واكتفى في هذا الشأن بتفويض الحكومة البريطانية بالنيابة عنه في مواجهة مشاكله السياسية مع جيرانه، ومن سلبياته عدم استخدامه الأموال المتوفرة لديه في تحسين الأوضاع الداخلية والاجتماعية للسكان من خلال تطوير الخدمات المطلوبة، مثل الصحة التي اقتصرت خدماتها للمواطنين على ما  تقدمه الإرساليات التبشيرية في مستشفى طومس. والتعليم الذي لم تكن المدرسة السلطانية الثانية أو البعثة الوحيدة التي أرسلها السلطان للتعليم في بغداد كافية لتغيير ثقافة سكان البلاد وطرق المواصلات التي اقتصرت على قوافل الجمال، وانعدام الموانئ المناسبة لرسو البواخر العملاقة رغم ما كان من الممكن أن تعود به هذه الموانئ من رسوم جمركية على خزينة الدولة.
وهكذا دخلت سلطنة مسقط وعمان في فترة الحرب العالمية الثانية ( 1939ـ 1945م) وهي معتمدة كلياً على المساعدات البريطانية وبدون أي علاقات سياسية  تذكر مع دول الحلفاء الأخرى أو حتى دول المحور عدا تلك المعاهدات التي كانت موقعة مع كل من هولندا فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية منذ عهد السيد سعيد بن سلطان.
        وفي الفترة من عام 1939 إلى 1954 اعتمد السلطان سعيد كليا على العلاقات المتميزة التي جمعت بينه وبين الحكومة البريطانية و هي علاقة حتمتها الظروف الداخلية والخارجية للسلطنة . فالسلطان سعيد قدم تسهيلات عسكرية في بلاده للجيش البريطاني خلال فترة الحرب العالمية الثانية كما قدم تسهيلات أخرى للجيش الأمريكي، هذه التسهيلات ساعدت على إبعاد الخطر الخارجي الذي كان يهدد السلطنة وهو الخطر الإيراني بقيادة الشاه رضا بهلوي الذي كانت له أطماع في الأراضي العمانية ، كما ساهمت هذه التسهيلات في إيجاد مصدر دخل جيد للحكومة مكنها من اجتياز ظروف الحرب بصورة أفضل عن غيرها من الدول، وقد شكل هذا التحالف مع الحكومة البريطانية فرصة للسلطان لحسم الأمور في الداخل، والسيطرة على الإمامة، ولكن هذا الحسم تأجل لعدة أسباب أولها: انشغال البريطانيين في الحرب العالمية وثانيها: رغبة السلطان في استخدام الطرق السلمية للحسم.
ورغم كل ما حدث من تغيرات في غير صالح البريطانيين في المنطقة والعالم بعد الحرب العالمية الثانية  لم تتأثر العلاقات المتميزة بين السلطان والبريطانيين بسبب الوعود التي كانوا يعطونها للسلطان من التنقيب عن البترول في بلاده ومساندته لحل مشاكله الداخليه ، ولكن ومع ضعف النفوذ البريطاني في المنطقة واستقلال الهند وباكستان وحرمان البريطانيين من النفط الإيراني بسبب حركة مصدق شكل النفط والموقع الإستراتيجي للخليج ، وبالأخص موقع ونفط عمان حافزاً مهماً للبريطانيين من أجل الاستجابة لطلبات السلطان، والإعداد للحسم والمواجهة العسكرية مع الإمامة، وحتى مع السعوديين في البريمي. وجاءت وفاة الإمام محمد بن عبدالله الخليلي في مايو 1954 وإنتخاب الإمام غالب بن علي  بمثابة نهاية للتعايش السلمي بين السلطنة والإمامة وبداية حقيقية لمرحلة الصدام العسكري بينهما  . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة