س : بمناسبة قرب حلول الذكرى ألأولى للأعتصامات التي حدثت في السلطنة بتاريخ 26/2/2012 م وفي إطار استمرار الربيع العربي هل تؤيد العودة لها في السلطنة مرة أخرى ؟

13‏/02‏/2011

وثائق عمانية 2 كلمة السلطان سعيد بن تيمور سلطان مسقط وعمان يناير 1968م

كلمة السلطان سعيد بن تيمور سلطان مسقط وعمان
   في شوال 1387هـ  الموافق يناير 1968م : 
قيلت بعد نجاح السلطنة في تصدير أول دفعة من النفط من ميناء الفحل  في يوليو  عام 1967م وتتحدث عن تاريخ الوضع المالي في السلطنة في الماضي وما يؤمل أن يكون عليه الحال في المستقبل بعد تصدير النفط :

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله على كل ما أنعم وتفضل حمداً  كثيراً يوافي نعمه ويكافي مزيده والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله و صحبه  أجمعين :
أما بعد .
فمنذ أن تحقق وجود النفط في أواخر شهر أكتوبر من سنة 1964 بكميات تجارية ، وابتدأت شركة النفط تمد خط الأنابيب من حقلي فهود وناطح ألقيت علينا أسئلة كثيرة من الأصدقاء ومتمني الخير لبلادنا للوقوف على مدى التفاعل في أفكارنا تجاه هذا الحدث السار الذي يؤمن للبلاد بعون الله مورداً مالياً ثابتاً ، لمعرفة نوع المشاريع التي سنبدأ بها ، والطريق الذي سنسلكه في سبيل تنفيذها . فرغبة منا في إطلاع الجميع نقول:
الآن وقد مضت ستة شهور على ابتداء تصدير النفط من عمان بتوفيق الله تعالى ، وبجهود شركة نفط عمان المحدودة أرى أنه من الواجب علينا جميعا تقديم فروض الشكر لله تعالى على ما أنعم علينا جل شأنه من فيض الخيرات وعميم البركات ، ولولا ظهور النفط لما استطعت أن أتحدث إليكم بخصوص ما سنحقق من مشاريع أو ما يجول في أفكارنا من آمال حيث كما تعلمون بأن المال هو عماد الآمال . 
ويحسن بنا قبل أن نتحدث عن المشاريع الجديدة أن نقف قليلاً ونلتفت إلى الماضي القريب لنعيد إلى الأذهان حقيقة الحالة المالية في السلطنة وما كانت عليه في ذلك الأوان ، ولاشك أن كل من له أي إلمام بأحوال البلاد يعلم أن عمان ليس بالبلد الغني وأن الحالة المالية لم تكن تساعدنا على السير قدماً بخطوات أوسع مما كنا نخطو ولذا كان خطونا وئيداً .
وإذا أردنا أن نقف على حقيقة الحالة المالية في السلطنة في الماضي القريب كما ذكرنا يجمل بنا أن نستعرض الوضع المالي في فترات ثلاث تعاقبت على البلاد في المدة الواقعة قبل سنة 1331هـ الموافق لسنة 1913م إلى يومنا هذا .
فالفترة الأولى نقدرها من قبل سنة 1913، إلى سنة 1920 م حيث كانت الحكومة في عهد جدنا السلطان فيصل بن تركي وما قبله تنهج نهجاً عادياً بسيطاً في تصريف جميع شؤونها وعلاقاتها فلا ميزانية ولا تخطيط ولا تنظيم فالارتجال كان الأساس لكل ما يعمل أو يقال ، وهو الحال الذي كان سائداً في ذلك العهد في معظم البلاد العربية ، وبعد وفاة السلطان فيصل تولى الحكم والدنا المحبوب السلطان تيمور بن فيصل وكان ذلك في سنة 1331هـ 1913هـ وقد ورث عن حكومة سلفه ديوناً كثيرة فوجد أمامه حكومة مثقلة بالديون المستحقة التسديد لتجار البلاد ، وقد أستمر الحال على ما كان عليه والديون آخذة في الازدياد حتى سنة 1920 م حيث رأى أنه ليس من السهل إدارة دفة الحكم ومالية الحكومة على ما هي عليه من العجز والانحلال عندها قرر المبادرة لتحسين الحالة المالية للحكومة بإدخال الأنظمة الحديثة لإصلاحها لتسير على نهج قويم .
 وأخيراً اتضح أن حكومته لا تستطيع السير قدماً بخطى واسعة وراء أي إصلاح منشود قبل أن تتخلص من تلك الديون التي كانت تثقل كاهلها ، وكما ذكرنا إن هذه الديون كانت لعدد من التجار في البلاد فرأى أنه من الأفضل توحيد مصدر الدين بحيث يستطيع تسديد الديون القديمة مع الاستحصال على زيادة تصلح للمساعدة على القيام بالإصلاحات المرجوة ، عندها لم يجد أمامه من يمكن أن يقوم بتلبية طلبه هذا غير حكومة الهند الإنكليزية التي وافقت على رغبته بإقراضه المال اللازم على أن يتم تسديده في خلال 10سنوات.
 وفي نفس الوقت قُر الرأي على أن يطلب من الحكومة المصرية آنذاك موظفين لتنظيم الجمارك فلبت طلبه بإرسال ثلاثة من الموظفين المتخصصين في شؤون الجمارك قاموا بعملهم خير قيام، وأستخدم أيضاً موظفاً إنجليزياً ( دي . في . مكلم ) ليشرف على تنظيم الإدارة المالية ، وبعد ذلك دب الانتعاش في مالية الحكومة حيث أصبحت مع التنظيم ترتب ميزانيتها سنوياً بدون عجز مع استطاعة مواصلة تسديد الأقساط في مواعيدها أما الموظف الإنكليزي الذي استخدم سنة 1920 كما أسلفنا لم يستمر في عمله أكثر من ستة أشهر فقط ، ونظراً لعدم وجود من يخلفه اتجه النظر إلى محمد بن احمد الغشام الذي كان والياً لمطرح في ذلك الوقت فجرى تعيينه وزيراً للسلطان سلمت إليه مقاليد الإدارة المالية وصار مسؤولاً عنها، وقد أستمر هذا الحال حتى أواخر سنة 1924 حيث ظهر العجز في المالية بسبب إهمال المسؤول وسوء تصرف ضابط الخزينة ، ونتيجة لذلك تزعزعت مالية الحكومة لدرجة لم تستطع معها مواصلة تسديد أقساط الدين في موعدها .
أما الفترة الثانية فتبدأ من سنة 1925 حيث عندما رأى السلطان تيمور بن فيصل ما وصلت إليه الحالة من السوء والانهيار فكر في أن يستخدم موظفاً جديداً ليقوم بتنظيم مالية الحكومة فقرر استخدام مستر برترام طومس الإنكليزي فعينه وزيراً للمالية بعقد لمدة خمس سنوات رغبة منه في تحسين الوضع المالي للحكومة (وطومس هذا هو أول غربي أقدم على قطع الربع الخالي من ظفار إلى قطر في 54 يوما) .
وقد بذل في بادئ الأمر جهداً لا بأس به كان من أثره أن ظهرت بوادر التحسن في الشؤون المالية غير أن هذا التحسن مع الأسف لم يدم لأكثر من ثلاث سنوات فقط ، ساءت بعدها الحالة المالية ثانية فتوقفت الحكومة عن دفع الأقساط لتسديد الدين وكان ذلك بسبب سوء إدارة الموظف المشار إليه في المدة الأخيرة حيث توسع في الإنفاق في الشؤون الحكومية دون التقيد بالميزانية المقررة الأمر الذي أدى إلى العجز والاضطراب في مالية الحكومة فاختل ميزان المدفوعات فتراكمت الاقساطات مع مواصلة الصرف في الوجوه المختلفة حتى أصبحت المبالغ المطلوبة من الحكومة تشكل دينا ً جديداً علاوة على المتبقي من الدين السابق، وفي سنة 1930 شملت العالم ضائقة اقتصادية أثرت على التوازن التجاري في البلاد ، فنتج عن ذلك هبوط كبير في إيراد الجمارك ( وهو المصدر الوحيد تقريباً لموازنة مالية الحكومة )

وبينما كانت الآمال معقودة على مستر طومس ليصلح ما افسد غيره ، فإذا به يصل بالمالية إلى الحضيض حتى تركها في أتعس حال ، وبعد ذلك اتجه نظر السلطان تيمور بن فيصل إلى استخدام أحد الخبراء في الشؤون المالية لإصلاح ما فسد ، فقر الرأي على أن يستخدم ( مستر هجكوك الإنكليزي ) مستشاراً للمالية وذلك في سنة 1931 وهذا الرجل كان من كبار موظفي وزارة المالية في حكومة العراق وقتئذ وقد باشر عمله بكل نشاط ومثابرة إلى أن انتشل المالية مما وصلت إليه بسبب سوء تصرف مستر بترام طومس، ثم خفض المرتبات واقتصد في النفقات حتى استطاع أخيراً أن يرتب سجلات المالية وينظم ميزانيتها على أحسن الأساليب.
 ولا نذيع سراً إذا قلنا أن ميزانية الحكومة آنذاك لم تكن تزيد عن 700 ألف ربية أو ما يعادل 50 ألف جنيه استرليني فقط وعلى هذا المقدار من المال كانت السلطنة قائمة بجميع أجهزتها ، ومن هذا كان عليها أن تسدد ما كان متبقياً من الدين علاوة على ما كانت مكلفة به من أبواب الإنفاق المتنوعة ، ومن جملتها ما كان يدفع للعطايا والهبات المعتادة لشيوخ القبائل والوفود حيث كانت الحكومة تظهر بمظهر الغني الواسع الثروة ، وأما ما قام به مستر هجكوك من التنظيم لمالية السلطنة فإنه يستحق الإعجاب والتقدير ، غير أنه مع الأسف لم تطل مدته فلم يبق في عمله أكثر من ثمانية أشهر استقال بعدها لأسباب خاصة .
وكنا آنذاك رئيساً للوزراء مع الأشراف على الشؤون المالية للسلطنة ، وبعد مضي مدة وجيزة على استقالة مستر هجكوك ، تقرر تعيين آر . جي . أولين الأنكليزي مستشاراً للمالية .
 وفي اليوم الثاني من شهر شوال لعام 1350 هـ الموافق 11 من شهر فبراير 1932م. وبعد تنازل والدنا المحبوب السلطان تيمور بن فيصل عن السلطنة لنا لأسباب صحية، فبعون الله تعالى تولينا الحكم منذ ذلك التاريخ وأولينا الناحية المالية اهتماما خاصاً ، ولكن نظراً للضغط الاقتصادي الذي أثر على ميزان التجارة العالمي في ذلك التاريخ وجدنا أنفسنا في حالة نضطر معها إلى ضغط مختلف أبواب الصرف ، والاقتصاد في النفقات ، وكان أول عمل نفذناه في سبيل الاقتصاد هو تخفيض مخصصات السلطان حيث أجرينا تخفيضها إلى نصف ما كانت عليه في السابق ، وقد يستغرب القارئ لو علم بأن خزينة السلطنة عندما تسلمنا زمام الحكم كانت خالية خاوية تماماً ، ولا شك أن الكثير من المعاصرين من أهل البلاد يذكرون كيف كان الوضع المالي في تلك الآونة .
ولكن بفضل الاهتمام الذي بذل والعناية الخاصة التي وجهت للناحية المالية ظهرت دلائل التحسن للعيان فما أن وافت سنة 1933 على نهايتها حتى كانت الديون قد وفيت والمبالغ المستحقة للتجار قد دفعت ، وفي أواخر سنة 1933 استقال مستشار المالية وعندها قمنا بالإشراف الكامل شخصياً على مالية السلطنة وتنظيم ميزانيتها سنوياً وقد استمر التحسن في إيرادات الجمارك التي لم يكن للسلطنة من إيراد يذكر غيرها ) وبفضل هذا التحسن في الإيراد استطعنا أن نرفع رواتب الموظفين مع توجيه العناية لمختلف مرافق السلطنة وإجراء الإصلاحات الممكنة ، وقد استمر الوضع المالي في تحسن مستمر إلى يومنا هذا .
وأما الفترة الثالثة فقد كانت بدايتها منذ 1939 يوم نشبت الحرب العالمية الثانية إلى سنة 1945 حيث توالى ارتفاع أسعار السلع والحاجيات فتحسن دخل السلطنة من الجمارك فأدخلنا زيادات أخرى على رواتب الموظفين وقمنا ببعض الإصلاحات الضرورية في أنحاء السلطنة ، ومنذ سنة 1933 إلى يومنا هذا لم يطرأ على ميزانية الحكومة أي عجز مالي ولله الحمد.
 واستطاعت الحكومة أن تحتفظ باحتياطي من المال لا بأس به للطوارئ ،هذا مع ما كانت ملزمة به من مختلف أبواب الصرف لاسيما ما كان مخصصا منها للدفاع وهو الباب الذي كان يستنزف نصف الميزانية تقريباً وكنا نتطلع إلى إدخال مختلف الإصلاحات إلى الكثير من مرافق البلاد التي كانت في حاجة ماسة لذلك غير أننا لم نجد لا في مالية الحكومة ولا في الاحتياطي ما يشجع على القيام بأي نوع من المشاريع وفي ذات الوقت لم نشأ أن نرهق مالية السلطنة فنثقلها ثانية بديون جديدة بعد أن سددنا الديون السابقة جميعها ، ولاشك أنه كان يتيسر لنا أن نجد المال من مختلف الجهات وهذا لا يكون إلا بالدين وبفائدة بنسبة مئوية معينة . وهذا هو الربا بعينه فلم نوافق عليه اطلاقاً وتحريمه الديني غير مجهول .
أما الآن وقد اتضح لكم ما كان عليه الوضع المالي للسلطنة بما بسطنا لكم من الحقائق التي تؤكد عدم استطاعة الحكومة آنذاك المضي بالإصلاحات التي تتلائم والعصر الحديث ، وأن ما تحتاجه البلاد من الإصلاح كثير ونحن نعلمه غير أن العين كانت بصيرة واليد في ذات الوقت كانت قصيرة، ولكننا مع هذا كله لم ندخر وسعاً للقيام بأي عمل يعود على البلاد بالنفع العام كلما وجدنا إلى ذلك سبيلا.
ومن قبيل المثال نذكر أننا بادرنا عندما سنحت الفرصة في سنة 1940 في إبان الحرب فأقمنا بناء المدرسة السعيدية بالعصمة مسقط وقد كان أول بناء حكومي أنشأناه بعد أن اجتزنا تلك الظروف القاسية التي مرت بنا ، وكذلك قمنا بعد هذا بعدد من الإصلاحات لمراكز الحكومة والحصون في مختلف الولايات .
وفي سنة 1958 عرضت علينا الصديقة الحكومة البريطانية مساعدات مالية لتصرف في سبيل تقوية جيش السلطنة وإدخال التحسينات على التعليم وإقامة المستوصفات الصحية في مختلف ولايات الساحل والداخل وإنشاء الحقول النموذجية التجريبية لتحسين حالة الزراعة في البلاد ولرفع مستواها ، ولشق طرق المواصلات وما إلى ذلك من الإصلاحات الأخرى ، فقبلنا منها هذه المساعدة شاكرين لها هذا العون ، وقد كانت هذه المساعدات موقوتة بحيث تستمر حتى يتحسن الوضع المالي في السلطنة وقد استمرت هذه المساعدات حتى أواخر مارش من السنة الماضية أي قبل الشروع في تصدير النفط من البلاد إلى الخارج بأربعة أشهر وكان ذلك في أواخر جولاي 1967 حيث اعتمدنا في هذه المدة على ما لدينا من احتياطي في مالية السلطنة ولولا الاقتصاد في النفقات وما كان لدينا من الاحتياطي لما استطعنا أن نتحمل عبء ما أنفقنا في خلال هذه الأشهر وعلى الأخص ما صرف من المخصصات الباهظة لجيش السلطنة بالنسبة لوضعنا المالي قبل أن تتحصل الحكومة على حصتها من إيراد النفط .
والآن والنفط يجري في أنابيبه إلى خزانات ميناء الفحل في سيح المالح ( الذي يحق أن يسمى بعد الآن سيح الحلو ) من حقلي [ فهود وناطح ] وما سيتبع ذلك من حقل آخر في منطقة  ( جبال ) قرب فهود حيث سيندفع إنتاجه متدفقاً عبر الأنابيب بإذن الله لينظم إلى ناتج الحقلين السابقين لتزويد الخزانات العامة في سيح الحلو حيث يواصل النفط تدفقه مندفعاً إلى الناقلات الراسية في ميناء الفحل استعداداً لشحنه مصدراً إلى الخارج وبذلك تصبح بلادنا العزيزة في عداد الأقطار المصدرة للنفط ولله الحمد.
ويكون بعد ذلك في استطاعتنا أن نجعل في ميزانيتنا باباً خاصاً ( لإيرادات النفط ) نعم الآن فقط نستطيع أن نقدر ، ونفكر ، ونخطط ، لتنفيذ مختلف المشاريع التي تحتاج إليها البلاد حيث نعلم أن الإيراد من النفط سيكون متصلاً بعون الله ، والأمل مازال قائماً بأن هذه الإيرادات ستستمر في تصاعد نسبي سنوياً .
وبعد كل ما تقدم نرى أن نأتي على ذكر العلاقة القائمة فيما بين السلطنة وبين شركة النفط حيث أن أول اتفاقية عقدت فيما بينهما كانت في منتصف سنة 1937 وقد كانت الشركة تدفع مبلغاً من المال كإيجار لقاء ما كانت تقوم به من التحري للكشف على النفط في أراضي السلطنة وقد ساعد هذا على تقوية الميزانية نوعاً ما .
 وفي سنة 1964 عندما اكتشف وجود النفط في أراضي السلطنة بكميات تجارية اقترحت الشركة الحالية تعديل الاتفاقية المعقودة من قبل فيما بين السلطنة وشركة النفط السابقة حتى تصبح الاتفاقية الجديدة مشابهة لمثيلاتها من الاتفاقيات المعقودة حديثاً بين شركات النفط المختلفة والحكومات المصدرة للنفط في بلاد الشرق الأوسط ،فوافقت السلطنة على ذلك وطلبت من الشركة أن تبدأ بعرض ما لديها من الاقتراحات في موضوع التعديل على الحكومة لتقوم بدراستها .
وفي 7 مارش 1967 وبعد الانتهاء من البحث والمخاطبات فيما بين السلطنة والشركة تم الاتفاق على أن تكون حصة الحكومة من صافي إيرادات النفط 50% وبعده جرى اتفاق آخر اشترط فيه أن يخصص للسلطنة 2/1 12%  من مجموع صادرات النفط وذلك وفقا لما أقرته منظمة ( اوبيك ) المكونة من بعض دول الشرق الأوسط المصدرة للنفط ، والاتفاقية تحتوي على الكثير من المواد الأخرى التي تعود بالفائدة والنفع العميم على البلاد .
وقد تم هذا كله في الوقت الذي كان فيه مستر إف . هيوز مديراً عاماً وممثلاً للشركة لدى الحكومة وقد عين من قبل الشركة للبحث في نقاط تعديل الاتفاقية التي أبرمت بين الطرفين وقد وجدنا من جانبه تفهماً تاماً للوضع ، وقد تم الاتفاق على الشروط بكل سهولة ويسر بفضل الهمة التي بذلها لتعود الاتفاقية بالنفع والخير على الجانبين المتعاقدين .
ونأمل أن تكون سنة 1968 بعون الله تعالى فاتحة عهد جديد للبلاد حيث تبدأ ببدايتها بعض المشاريع التي سيتولى تنفيذها والإشراف عليها فنيون وخبراء من ذوي الاختصاص فنبدأ أولاً بإقامة المكاتب الحكومية لمختلف الدوائر ثم المساكن للموظفين القادمين من الخارج ثم تتوالى المشاريع المختلفة تدريجياً كالمستشفيات والمدارس وطرق المواصلات وغيرها من المنشآت والمشاريع التي تستدعيها حالة البلاد مع الاهتمام بتنمية الثروات السمكية والحيوانية والزراعية ، وما إلى ذلك من متطلبات البلاد بحيث تعم المنشآت الحديثة جميع بلاد السلطنة حسبما تتطلبه حاجة كل منطقة .
 وهكذا مادام فيض النفط يتدفق غزيراً فنحن بعون الله سنواكبه في جريانه بحيث يكون نشاط الحكومة في إقامة المشاريع التي تعود على البلاد بالخير العميم متواصلاً ومعادلاً لقوة جريان النفط في تدفقه ، وبالطبع فإن المشاريع تحتاج إلى جهود جبارة يكون حليفها العمل الشاق والكفاح المضني . ولاشك إن ما نشاهده من تقدم  وعمران في البلدان الأخرى لم يكن صنع يومه بل كان نتيجة جهود بذلت في سنين طوال ، ومشاريع الإصلاح تحتاج إلى وقت لكي تظهر نتائجها والأمر الذي لا مفر منه ونراه في منتهى الوضوح ، هو وجود الفترة الكائنة بين استلام الإيراد من النفط والوقت  الذي تبدأ فيه منفعة السكان . ونحن بعون الله ساعون لتحسين أحوال البلاد بصفة عامة من جميع النواحي .
وسيكون من بعض ما نفتتح به أعمالنا هو مشروع مساعدة موظفي الحكومة لتحسين رواتبهم التي يرى أنها قد تكون في حاجة إلى زيادة ، وإيجاد كادر لضبط نظام ترقيتهم ، وسندعم الجهاز الحكومي بتزويده بعدد من الخبراء والفنيين بحيث نضمن للحكومة جهازاً إداريا قائماً على احدث النظم مع مراعاة ما تقتضيه الحال من إدخال التعديلات على الجهاز الحكومي الحالي . وهناك مشاريع مستعجلة ملحة نرى لزاماً علينا أن نبادر باتخاذ الإجراءات للبدء بها بحيث تكون لها الأولوية وهي :
        1ـ الماء ـ إن العمل يجري بكل نشاط في هذا المشروع وسيتم التعاقد لإنجازه بحيث نأمل أن يمتد خط أنابيب الماء لمسقط ومطرح في غضون 21 شهراً من تاريخ التعاقد ليكون الماء العذب في متناول الجميع إن شاء الله.
        2 ـ الكهرباء ـ لقد تمت جميع الإجراءات الأولية بشأنها والعمل يجري الآن بهمة والأمل أن تبدأ الشركة التي اسند إليها المشروع لتوزيع القوة الكهربائية في مسقط ومطرح على المستهلكين للاستعمال في الصيف القادم.
        3 ـ ميناء مطرح ـ ونظراً لما تتمتع به مطرح من موقع طبيعي ممتاز ووضع تجاري سليم ، واتصال وثيق بمختلف بلدان السلطنة حيث تعتبر مطرح العاصمة التجارية للبلاد ‘ فلذا رأينا أن نشرع مبادرين لإنشاء ما يساعد على تسهيل أعمال الميناء في المستقبل القريب ، بحيث تنتقل إليها دائرة الجمارك العامة ، فترسو فيها البواخر والمراكب الشراعية ، والسفن الآلية للشحن والتفريغ ، مع الاهتمام لإيجاد مستودعات كافية لخزن وحفظ البضائع الواردة والصادرة .
        4 ـ النقد السعيدي ـ ومن جملة المشاريع التي ستعطى الأولوية أيضاً مشروع
( النقد ) الذي سيوجه له الاهتمام الخاص ، فمشروع إيجاد عملة موحدة للبلاد هو من أهم المشاريع . والنقد السعيدي سيكون أساسه ( الريال السعيدي ) ، وأما كسوره فهي : نصف ريال ، وربع ريال و البيسات التي سيسك منها ما يفي بحاجة السكان للاستعمال بمختلف الفئات وهي : 25 ، 20 ، 10 و5 ثم بيسه واحده ، وستعلن البيانات اللازمة بشأنها في الوقت المناسب إن شاء الله .
وعندما نتحدث عن المشاريع يجب أن لا ننسى المنطقة التي ظهر فيها النفط وقبيلة الدروع التي تقطنها حيث يجب أن ينالوا عناية خاصة لتأمين ما يحتاجون إليه من المشاريع التي تلائمهم . وأما المشاريع الأخرى فستبقى متتابعة متتالية ، مقدمين الأهم على المهم مستمدين العون من الله تعالى ، ويجب أن لا ننسى بان مساحة السلطنة تزيد عن 100 ألف ميل مربع ، وان طول سواحلها لا يقل عن 1000 ميل ، وأما السكان فإنهم يزيدون عن نصف مليون بحسب اقرب التقديرات .
وسنعين هيأة لتقوم بتنفيذ ما سنقرره من المشاريع وستعرف هذه الهيأة باسم ـ مجلس الإعمار ـ حيث يتولى هذا المجلس ترتيب الميزانية اللازمة لكل مشروع والاتصال بالخبراء والفنيين وغيرهم ممن يكون هناك ضرورة للتشاور معهم بخصوص أي مشروع يراد تنفيذه .
وسنعين أيضا مجلساً خاصاً يتولى الاهتمام بمشروعي الماء والكهرباء بحيث يشرف على سير العمل في المشروعين ليكون قائماً ومتمشياً مع ما أقرته الحكومة من الأنظمة لتأمين حاجة السكان.
ونحن الآن نمر بمرحلة الاستعداد والإعداد لتنظيم المشاريع التي تحتل الأولوية من حيث النفع العام ونتطلع إلى مستقبل زاهر مشرق نضمن معه رفع مستوى المعيشة بين سكان السلطنة ، وزيادة دخل الفرد ، حتى نرتقي بالبلاد لتواكب ركب الحضارة المعاصرة ونتقدم حتى نؤمن للسكان كل نافع ومفيد ، ونطور تطوراً يصل بنا إلى ما هو أحسن وأفضل ، بحيث يتفق ذلك مع ما لأمتنا من ماض تليد وتاريخ عريق مجيد ، ونحن مهما تقدمنا وارتقينا فلابد أن نجعل نصب أعيننا ديننا الحنيف الذي عليه اعتمادنا وتقاليدنا التي هي تراثنا ، فهناك محرمات وهذه محرمة إلى الأبد ، وهناك عادات وهذه قابلة للتصرف فيها دون المساس بتقاليد البلاد الأساسية التي تعتبر من أمجاد السلف الصالح ، حيث نعتز بها ، وتحفظ علينا كياننا ، وقد قال تعالى في محكم كتابه العزيز :
{ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم }
ونسأله تعالى جل شأنه أن يلهمنا الصواب ويكلل مساعينا بالنجاح ، وأن يكتب لنا التوفيق فيما نحاول ، وان يتيح لنا الفوز فيما نريد ، ونضرع إليه جلت قدرته أن يوفقنا لما فيه خير امتنا العمانية وبلادنا.

طبع بالمطابع السلطانية بمسقط        
حصل الباحث على صورة من الوثيقة مطبوعة وبها شعار السلطنة من المكتبة  الخاصة لأبناء الأديب والوزير العماني الراحل عبدالله الطائي .

هناك تعليق واحد:

  1. وثيقة مهمة تشكر على ادراجها
    يظهر منها ان السلطان سعيد بن تيمور كانت لدية خطة للتنمية مع دخول عصر النفط وبداية التصدير في السلطنة
    كما انها ترد على من اتهمه بمحاربة التعليم فكيف يحارب التعليم وهو لديه بالفعل ثلاث مدارس وايضا وضع خطة لنشر المدارس في السلطنة ؟

    ردحذف

المشاركات الشائعة