س : بمناسبة قرب حلول الذكرى ألأولى للأعتصامات التي حدثت في السلطنة بتاريخ 26/2/2012 م وفي إطار استمرار الربيع العربي هل تؤيد العودة لها في السلطنة مرة أخرى ؟

05‏/06‏/2011

من درر المهندس مازن الطائي

العمانيون شعب كبقية شعوب العالم لهم اطروحاتهم و تطلعاتهم و توجهاتهم و إن تباينت الأمور فيما بينهم نحو تلك التطلعات و الطموحات و التوجهات … و هم شعب عربي ينتمي إلى الأمة العربية التي صنعت عبر التاريخ أمجادا و تراثا لا تزال مآثره حاضرة جلية بين الأمم مستمدين من دينهم الإسلامي الحنيف تعاليم سمحة و خلق كريم. و كأي شعب ينتمي لهذا العالم الفسيح المتعدد الأعراق و الأجناس له من التطلعات و التوجهات ما يحرك الآسن من الطموحات و الآمال و الإرادة …
و لكن كيف لهذا الشعب تحقيق إرادته و تطلعاته و هو حائر بين إرادته و رغبته و نيته و الخوف من السلطة و سطوتها ؟ فالعمانيون في عام 2010 م يختلفون بعاداتهم و تطلعاتهم و متطلباتهم و احتياجاتهم عن ما كان عليه حالهم في منتصف القرن العشرين.
فبماذا يرغب العمانيون ؟ … و ما هي نواياهم في تحقيق ذلك ؟ … و من ما أو من من يرهبون لتحقيق مرادهم ؟ … و هل سطوة و بطش حكومتهم هي عائق لتحقيق ذلك المراد ؟
يمكننا تحديد ما يرغبه العمانيون بالعيش بكرامة و عزة و مساواة في وطنهم في ظل توزيع عادل للثروة الوطنية و تكافؤ الفرص من وظائف و تعليم لأبنائهم و خدمات صحية و مستوى دخل مالي مناسب و استمرارية في تطوير الخدمات و دوران عجلة التنمية و التطوير في ظل استقرار و تآلف وطني و انفتاح و تعاون مع إخوانهم العرب و بقية شعوب العالم. و هم بهذا عاقدو النية على تحسين أوضاعهم و التعبير عن مشاعرهم و تطلعاتهم محققين آمالهم و طموحاتهم ، بينما يترهبون في التعبير عن مكنون إرادتهم و تحقيق رغباتهم و يترددون في تنفيذ النيات رهبة من سطوة السلطة التي – حسب زعمها – وفرت العديد من احتياجات المواطن و دفعت عجلة التنمية إلى الأمام وفق خطط و برامج و جرعات انفتاح رآى فيها صانع القرار أنها مناسبة في وقتها الذي طبقت فيه … و لكن دون أن يشارك المواطن في صنع القرار أو حتى هيئ له المناخ المناسب للتعبير عن ما يجول في نفسه من خواطر و أفكار و توجهات “سياسية” أو التعبير عن احتياجاته و مستلزمات حياته المعيشية ، فكل شيء بالنسبة له مرهون وفق إرادة السلطة و رغباتها … و سطوتها.
و كما تم ذكره في بداية الموضوع أن تطلعات العمانيين في القرن الحادي و العشرين تختلف عن تلك التي كانت في منتصف القرن العشرين … و أن التطور السريع في خدمات الاتصالات و تقنيات المعلومات و وسائل الإعلام و وسائطها المختلفة ساهم إلى حد كبير في تنمية تلك التطلعات و توسيع الآفاق الفكرية للنشئ العماني. و لكن مع كل هذا التطور و تلك التنمية بقيت عقلية و سطوة السلطة على حالها و منذ ما كانت عليه في الربع الأخير من القرن العشرين ، الأمر الذي جعل المواطن العماني في كثير من الأحيان يتردد و يترهب في التعبير عن ما يجول في خاطره و فكره … بل سلم أمره لله تعالى خوفا من بطش السلطة و سطوتها التي غالبا ما كانت تتعامل في السابق و لا تزال وفق معطيات تحكمها العوامل الأمنية و الحفاظ على مكانتها السلطوية في المجتمع دون النظر إلى المردود السلبي لذلك التعامل الذي – وإن استتب الأمر لها في نهاية المطاف – نتج عنه الكثير من التذمر و الامتعاض في الأوساط الشعبية و قد ينشأ عنه في المستقبل عواقب وخيمة يكون مردودها السلبي كارثيا على الوطن و المواطن.
فالعماني الذي بتطلعاته و رغباته و نيته في تحسين أموره المعيشية يصطدم بقوانين السلطة و اجراءاتها بل بنفوذها المهيمن على كل أمر في البلاد الذي لا بديل عنه أو لا تهاون فيه و لا نقاش … و من هذا المنطلق يكون المواطن العماني الذي عاش سنوات انغلاق طويلة في معظم فترات القرن العشرين فرضته عليه سلطة كانت تنظر إلى كل جديد بأنه ممنوع و محرم … أصبح يتوجس من التعبير عن مكنون خواطره و يترهب في تنفيذ و السعي نحو طموحاته … و كأنه أدمن هيمنة السلطة و قيادتها له و ما توفره له بين فترة و أخرى من مكرمات و صدقات يقال عنها اهتمام من تلك السلطة باحتياجات المواطن و توفير العيش الرغيد له.
فالعماني ما بين رغبته نحو التطور و الرقي و نيته ليكون أفضل حالا يجد نفسه مبتليا بسلبيات الماضي و سطوته على بنيته الاجتماعية و الفكرية … فقد عيّشت تلك السلطة المواطن في جاثوم الرعب و الممنوع و الإجهزة الاستخباراتية حتى غدى فيه آفة الشك في كل شيء مسيطرا عليه … أوليس تلك هي السلطة التي بسطوتها جعلت الأمور جميعها مسيرة بإرادتها وفق معطيات ترى فيها أنها الأنجع لمسيرة بناء الوطن … لا نقاش … لا تبادل فكر … لا تواصل ثقافي بين أبناء الوطن … إلا ما تراه السلطة … فهو الحق المبين و الرأي السديد و الفكر الثاقب و الوحي الملهم. و أليست هي ذات السلطة التي حرمت الوطن من كفاءاته و خيرة أبنائه و همشت و أبعدت العديد منهم في سبيل تحقيق مآرب مستشاريها و موظفيها الأجانب الذين أثروا بشكل فاحش من خيرات الوطن العماني و على حساب المواطن العماني و الذين كانوا من مخلفات عهد بغيض عاشته عمان على مدى أربعين عاما من القرن العشرين ؟ … أوليست هي ذات السلطة التي قيدت الكلمة الحرة و منعت التعبير عنها و عن مكنون مضامينها الوطنية إلا تلك التي تتحدث عن و تصف جماليات السلطة و انجازاتها و مكرماتها و عطاياها ؟
فنحن ما بين تحقيق رغباتنا و نياتنا نحو مستقبل مشرق و غد منير لابنائنا … تحوم حولنا الرهبة من السلطة التي أحببناها و بايعناها بالولاء … فهي دائما تلوح بسطوتها على رقابنا فالتجارب معها كثيرة و عديدة مما وضعنا في رهبة و عدم ثقة و ريبة من توجهاتها و ما تنويه من خطط نحو المستقبل… و هي لا تزال لم تظهر نية نحو البدء باصلاح سياسي يضمن استمرارية مسيرة بناء الوطن و الحفاظ على كيانه وفق مساهمة شعبية نابعة من رغبات المواطن و ليس نابعة من رغبات سطوتها و فكرها الأوحد الواحد.

منقول للكاتب  مازن الطائي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة