س : بمناسبة قرب حلول الذكرى ألأولى للأعتصامات التي حدثت في السلطنة بتاريخ 26/2/2012 م وفي إطار استمرار الربيع العربي هل تؤيد العودة لها في السلطنة مرة أخرى ؟

01‏/08‏/2011

دول الخليج تشدد القمع والقيود على المعارضة بينما يتنفس التونسيون والمصريون هواء الحرية

دول الخليج تشدد القمع والقيود على المعارضة بينما يتنفس التونسيون والمصريون هواء الحرية


نشر موقع مجلة "فورين بوليسي" الاميركية على الانترنت السبت مقالاً كتبه كريستيان كوتس اولريخسين تحت عنوان "ثورة مضادة في الخليج" يقول فيه انه بينما عمت الثورات بعض البلدان العربية التي اخذ سكانها يتنفسون هواء الحرية، فان الدول الست الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي رصت صفوفها لمكافحة آثار تلك الثورات وصدها بعيداً عنها. وهنا نص مقال اولريخسين نائب مدير برنامج الكويت عن التنمية، والحكم والعولمة في دول الخليج في كلية لندن للعلوم الاقتصادية (لندن سكول اوف ايكونوميكس):
"بينما ينعم التونسيون والمصريون بحرياتهم التي اكتشفوها من جديد، واخذوا يشكلون احزاباً سياسية جديدة ويجرون مناقشات عميقة بشأن مستقبل بلديهم، فان الدول الست الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي تشهد ثورة مضادة تدفع الى الوراء ضد الربيع العربي وتكتسب زخماً مضطرداً. ويشدد الحكام المستبدون قبضتهم داخل بلدانهم ويغلقون المجال السياسي في محاولة لعزل مواطنيهم عن ضغوط التغيير التي تجتاح بقية انحاء الشرق الاوسط. ومن المأمون القول –على الاقل في الوقت الحاضر- ان منطقة الخليج اخذت تصبح اكثر، وليس اقل، قمعاً ما ينذر بعواقب يمكن ان تكون خطيرة على المدى الطويل ليس فقط بالنسبة الى الملكيات الغنية بالنفط، وانما ايضاً بالنسبة لحلفائها الغربيين.

ويمثل اعلان المملكة العربية السعودية يوم 29 نيسان (ابريل) قيودا جديدة كاسحة على الاعلام مجرد الحلقة الاخيرة في جهد هدفه الحد من افاق النقاش السياسي المشروع. يحظر المرسوم الذي اصدره العاهل السعودي الملك عبدالله والذي يعدل قانون النشر الصحافي للعام 2000 على وسائل الاعلام نشر أي شيء يتعارض مع الشريعة الاسلامية او "يخدم المصالح الاجنبية ويقوض الامن القومي".

ومثل هذا التعريف الغامض، ولكن الذي يمكن ان يكون شاملا، يضيق الى حد كبير خناق الرقابة الذاتية في المملكة العربية السعودية. وهو يتضمن ايضا نصوصا لاغلاق دور النشر وحظر الكتاب الذين ينتهكون المرسوم ويحرمهم من نشر أي مواد في اي وسائل اعلام مدى الحياة. ومع كون القوات السعودية مشاركة في قمع المتظاهرين في البحرين المجاورة على نحو مثير للحساسية فإن وضع هذه الخطوط الحمراء الجديدة اشارة قوية الى انه لن يجري التسامح مع التقارير الاعلامية المنتقدة او وجهات النظر المخالفة. وفي آذار (مارس) الماضي قمعت المملكة العربية السعودية جهدا من جانب مجموعة من المثقفين لتأسيس ما كان سيصبح اول حزب سياسي في المملكة: حزب الامة الاسلامي.

ومن الواضح ان دعوتهم الى الاصلاح السياسي السلمي اثارت ذعر السلطات، كما يتبين من اعتقال خمسة من المؤسسين بعد اسبوع من ذلك. غير ان موجةً من العرائض – بما فيها اعلان للاصلاحات الوطنية يدعو الى ملكية دستورية وكذلك "عريضة ضد الاصلاح" تحذر من الليبرالية الزاحفة – توحي بأن المسؤولين السعوديين لم ينجحوا في قمع النقاش الداخلي.

وليست المملكة العربية السعودية وحدها التي تقمع الاصوات المعارضة فقد قمع النظامان الملكيان المحاصران في البحرين وعمان التظاهرات بعنف، بينما صعدت الامارات العربية المتحدة والكويت الاجراءات القمعية. ولكن الامر ليس مجرد ردة فعل على الاحداث في تونس ومصر – اذ ان جذور الانطواء السلطوي والانكفاء للداخل كانت مرئية قبل مدة طويلة من اندلاع الربيع العربي.

وفي الاشهر الاخيرة من 2010، جوبه السخط الساخن في الكويت والبحرين بعروض للقوة فظة بصورة غير معتادة. ففي البحرين احتجزت قوات الامن 20 من نشطاء المعارضة وحقوق الانسان البارزين قبل الانتخابات البرلمانية في تشرين الاول (اكتوبر). وفي الكويت بلغت سلسلة مجابهات بين الاسرة الحاكمة والمعارضة السياسة ذروتها في كانون الاول (ديسمبر) باستخدام قوات الامن القوة لتفريق مظاهرة تعرض فيها اربعة من النواب للضرب واصيبوا بجروح وتوفي فيها مواطن كويتي يزعم انه عذب وهو محتجز لدى الشرطة في كانون الثاني (يناير).

لذا فإن درجة الحرارة السياسة في الخليج كانت اخذة في الارتفاع حتى قبل بداية انتشار المظاهرات في الشرق الاوسط. وتبين حالة البحرين، وهي اول بلد خليجي يشهد احتجاجات واسعة النطاق، مدى عمق بعض المظالم الشعبية هناك. وادى التضخم السريع للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في البداية وتحولها الى حركة عابرة للطائفية الدينية ومطالبة بالاصلاح السياسي الجوهري الى اثارة ذعر نظام حكم آل خليفة الذي "دعا" قوات سعودية واماراتية لاستعادة النظام في آذار (مارس) تحت ستار قوة درع الخليج.

وقد صاحب التدخل الاجنبي تصعيدٌ في عمليات القمع، اذ اخذت قوات الامن في القضاء بصورة وحشية على كل اشكال التمرد على بقاء آل خليفة في الحكم. بل ان الاطباء الذي قاموا بعلاج المحتجين المصابين خضعوا للاحتجاز والمحامين الذين قاموا بتمثيلهم للاعتقال. كما احتجز نشطاء المعارضة وحقوق الانسان، وقيل انهم تعرضوا للتعذيب والوفاة في اوضاع غامضة اثناء اعتقالهم لدى الشرطة ومن بينهم احد مؤسسي صحيفة "الوسط" المستقلة الواسعة الانتشار في البحرين والتي اعلنت اغلاقها المتوقع في 2 ايار (مايو).

وما بدا من اهتزاز لمكانة العائلة الحاكمة في البحرين اثار الرعب لدى حكام الخليج الاخرين، ما دعاهم الى استخدام القوة ضد المتمردين من مواطنيهم. وتركز معظم تلك الاعمال في دولة الامارت العربية المتحدة حيث القي القبض على اثنين من المنادين بالديمقراطية، هما ناصر بن غيث، وهو استاذ الاقتصاد في فرع ابوظبي لجامعة السوربون الشهيرة، واحمد منصور، الذي أسس منتدى "حوار الامارات" على الكومبيوتر للابحاث السياسية. وكان غيث ومنصور من بين 133 من المثقفين الاماراتيين الذين وقعوا عريضة في آذار (مارس) يطالبون فيها بانتخاب جميع اعضاء المجلس الوطني الاتحادي مباشرة، وادخال تعديلات دستورية لتحكم سلطاته التشريعية والتنظيمية.

ولم يلبث ان تبع عمليات الاحتجاز هذه ملاحقة المنظمات الاجتماعية المدنية. وقامت وزارة الشؤون الاجتماعية في الامارات بحل مجلسي جمعية المحامين وجمعية المدرسين، وعينت موظفين حكوميين بدلا منهما. وجاء الدليل المبكر للاثر المذهل لهذه الاجراءت في 2 أيار (مايو) عندما اصدر اكثر من 200 محام بيان الولاء لحكام الامارات منددين بـ"البيانات الكاذبة" التي اصدرها "اشخاص ضالون ومخدوعون".

وزيَن حكام الخليج هذه التكتيكات التعسفية بسلسلة من الخداع الاقتصادي، كالاعلان عن مزيد من الوظائف في القطاع العام، وزيادة الرواتب والمكافآت. وقد افسحت هذه الخطوات المجال للعائلات الحاكمة مساحة موقتة للارتياح. ويتوقع بعض المحللين ان يتطور الوضع الى شيء يماثل ما جرى في مصر او تونس. غير ان الدول الخليجية باغفالها الابعاد الاجتماعية الحيوية للربيع العربي ورفض تعديل الهياكل السياسية التي يبدو يوما بعد يوم ان الزمن قد عفا عليها، انما تحاول السباحة عكس التيار في الشرق الاوسط.

والتقهقر في اوضاع الخليج يثير تساؤلات حرجة للشركاء الغربيين لهذه الملكيات. فقد تسبب وضع البحرين التي تعتبر حليفا رئيسا لا ينتمي الى حلف الـ"ناتو" وتمنح الاسطول الخامس الاميركي قاعدة رئيسية في اراضيها، في أن تبقى الولايات المتحدة صامتة بشأن ما يجري من اعمال قمع هناك، وهو ما لا يتفق وشعارات الدعم الاميركي للحركات المؤيدة للديمقراطية والحق في الاحتجاج في اماكن اخرى.

ولم يقتصر الامر على صانعي السياسة وحدهم في وضعهم في موقع حرج بسبب اعمال الكبت في الخليج: فجامعات مثل جامعة نيويورك وجامعة السوربون وغيرهما من المؤسسات الغربية مثل "غوغنهايم" استثمرت كثيرا في مشاريع فروعها داخل دولة الامارات في السنوات الاخيرة. وحتى الان فانها على وجه العموم اختارت ان تلتزم الصمت التام بشأن حالات حقوق الانسان التي تزداد سوءا، ما يجعلهم عرضة للاتهام بالبلادة او حتى بالتآمر.

فجامعة نيويورك تواجه الان ردود فعل عنيفة متزايدة من الموظفين والطلبة في ما يتعلق بما اذا كانت مبادئ الحقوق والحريات واساليب التواصل السياسي التي يتوقعونها من جامعة اميركية تطبق في دول الاستبداد الخليجية. ولا يمكن للمرء ان يتوقع انتهاء هذا التوتر من تلقاء نفسه في وقت قريب. وطالما ان دول الخليج تظل حصونا للاستبداد في اجواء اقليمية متغيرة بصورة راديكالية، فان الحكومات والمؤسسات الغربية ستظل تجد انها بين فكي القيم التي تؤمن بها والمصالح التي تسعى اليها. وما لم تدرك العائلات الحاكمة ان عليها اتخاذ اجراءات لحل شكاوى مواطنيها المستعرة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، فان الانفجار التالي في الخليج يمكن ان يكون اشد. 

منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة